21.2.11

الرد على من ادعى استمرار مبارك رئيسًا لمصر حتى الآن

اللهم ارحمنا من الفتنة ومن يثيرها ... اللهم انصر الحق أينما كان وادحض الباطل أيًا ما يكون

بهذا الدعاء أحب أن ابدأ مقالي عن لغط قد يأكل الأخضر واليابس ولا يبقي ولا يزر، عن فتنة يثيرها ضعاف النفوس وكثيرًا ممن لا عقل لهم، مقال أرد به الجهل والجهلاء وأبين فيه الحقيقة متمنيًا من الله أن يرحمني وإياكم من نار الفتنة وآثارها ...

مبدئيًا أحب أن اعتذر عن أي وصف سيء لأصحاب الآراء المردودة بدأت به المقال على غير عادتي، إلا إن غضبتي هي غضبة في الحق إن شاء الله!!

وجدت في اليومين الماضيين بعض الناس يشككون في كون الرئيس (دون أن اذكر السابق) مبارك قد ترك الحكم مدعين أن التخلي عن السلطة يبقيه رئيسًا حتى الآن معللين ذلك بمواد من الدستور لا أظنهم فهموا منها شيئًا، وللرد على ذلك يجب أن نبدأ الحكاية من البداية ..

إن أي دولة إذ تتكون وتكون لها حكومة تأمر وتنهى وتحبس وتجرم وتبريء وتشرع إنما تقوم على نظرية قديمة اسمها العقد الاجتماعي، تؤسس هذه النظرية على وجود عقد بين أفراد الشعب الواحد على اتباع آليات معينة في اختيار رئيس وحكومة ونظام يقوم الجميع بتطبيقه، الأمر الذي يترجم فيما بعد ليعرف بالشرعية عند القانونيين.

والشرعية هي اجتماع إرادة الشعب (أو أغلبه) على كلمة واحدة ونظام واحد مع إفراز قوة لفرض هذه الكلمة وتطبيق هذا النظام، فإذا ما عقد العقد على إنشاء الدولة وضع الدستور ليكون الإرادة المكتوبة للشعب وشكلت الحكومة لتكون هي القوة الفارضة لهذه الإرادة؛ وهو ما يسمى بالشرعية الدستورية أو الشرعية العادية.

إلا أنه قد يحدث ويسخط الناس على النظام الذين وضعوه وحيث أن الشعب هو مصدر السلطات وأنه هو من وضع النظام فمن حقه تغييره إذا ما توافرت لدية الإرادة المشتركة والقوة على فرض هذه الإرادة؛ وهو ما يسمى بالشرعية الثورية. فالنظام ما هو إلا عقد وضعه الناس يمكنهم تغييره وقتما أرادوا كأي عقد عادي.

هذا بالنسبة إلى الأساس القانوني الذي تقوم عليه الدولة والثورة وأي شيء!!
إذًا، فأين نحن من ذلك؟

لقد كان لنا شرعية دستورية قائمة لم يغيرها شيء، وقد ظهرت من خلال الأحداث شرعية ثورية غير مكتملة حيث لم توجد القوة الواحدة التي تفرضها، وهو أمر طبيعي يحدث غالبًا فيما بين الدول في الحروب وفيما بين الأنظمة السابقة والقادمة في الثورات ولا ينتهي إلا بأحد أمرين: إما أن تنتصر إحدى القوى على الأخرى (كما في الثورة الفرنسية) أو تعترف قوة بشرعية الأخرى (كما حدث في ثورة 52 وكما فعل مبارك).

إذًا فخروج مبارك على الناس بلسان نائبه عمر سليمان إنما هو اعتراف منه بقيام شرعية ثورية تامة وسقوط الشرعية الدستورية بما لا يلزم الدولة والنظام بالدستور القائم الذي سخطه الناس ...

أما تخليه عن السلطة للجيش فما هو إلا تحديد للقوة الشرعية (القوة القادرة على فرض الإرادة الجديدة) التي رأى أنها تعبر عن جموع الإرادة الشعبية، وتسليم الشعب ورضاؤه بها هو ما منحها الشرعية الكاملة في صورتها الثورية.

إن القانون يا سادة ليس سطورًا تسطر دون وعي، ليس كلمات شكلية بحتة أنما هي أفعال مترجمة في شكل كلمات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالواقع، فإن ما قيل عن التخلي عن السلطة وترجمه الناس أنه تنحي ولم يرد ما يعكس أو يلغي هذه الترجمة هو أساس التفسير ... واتباع إجراءات الاستقالة هو دحض للإرادة الشعبية وإعلاء للمظام القائم وهو ما لم يحدث

اتقوا الفتنة ولو بشق تمره، وارحموا مصر والمصريين من ظروف صعبة نمر بها، وأملوا واعملوا على أن نعبر بمصرنا الحبيبة إلى بر الأمان دون خسائر فادحة لا سبيل لنا بها ولا حاجة لها.

اللهم بلغت .. اللهم فاشهد، اللهم بلغت .. اللهم فاشهد، اللهم بلغت .. اللهم فاشهد

1 comment: