12.2.11

قراءة في بيان الجيش رقم 3

خرج علينا المجلس الأعلى للقوات المسلحة (صاحب الشرعية الحالية) ببيان مقتضب عبر فيه عن جسامة الموقف وخطورته عقب تنازل الرئيس مبارك عن السلطة معلنًا أنه لا مناص عن الشرعية التي يريدها الشعب، فما معنى ذلك؟

سبق أن بيّنا في قراءات سابقة كون الشرعية هي إرادة الشعب المعلنة المكونة لشخصية الدولة، والتي تنقسم وفقًا لأوضاعنا الحالية إلى شرعية دستورية وشرعية ثورية. وعلينا أن نؤكد أن الشرعية والسيادة وجهان لعملة واحدة يحركهما ويقويهما الاعتراف ... وحتى لا أطيل عليكم أضعها في نقطتين قصيرتين:
الشرعية الدستورية: هي وجود دستور للدولة يحكم مؤسساتها وتسهر على طبيقه وفرضه حكومة قادرة على ذلك
الشرعية الثورية: هي انقلاب رأي الشعب (واضع الدستور) على الشرعية القائمة المتمثلة في الدستور، مع وجود قوة موحدة قادرة على إسقاط الدستور وتطبيق شرعية (دستور) جديدة

بناءً على ذلك نرى أنه وحتى الأمس كانت الشرعية الدستورية هي القائمة، وحتى وإن كان عنصرًا من عناصر الشرعية الثورية قد تحقق إلا أنني لم أكن اعتبرها موجودة لعدم اكتمال عناصرها .. وما حدث بالأمس من تنازل الرئيس (صاحب الشرعية الدستورية) عن السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة جعلنا في حالة وسطًا، فلا هو اعترف للشعب بالشرعية الثورية وتركها للعامة، ولا هو نقل شرعيته الدستورية كاملة على الوجه المبين لنقلها!!

معنى ذلك أننا أقرب إلى الشرعية الثورية، حيث اتجهت إرادة الشعب إلى قبول الجيش حاكمًا شرعيًا له خلال هذه الفترة الانتقالية، وحتى الآن لم يقرر الجيش ماذا بعد؟ والتوقعات لا تخرج عن فرضين هما الإبقاء على الحكومة (كما هي أو بعد إجراء بعض التعديلات) لتدير البلاد تحت إشراف الجيش أو  أن ينصب نفسه مكان الحكومة ليدير الفترة الانتقالية كاملة.

وفي هذا السياق فإن الجيش أعلن أنه ملتزم بالشرعية التي أرادها الشعب، والتي تتمثل أول ما تتمثل في تعديل الدستور .. وأرى الصواب في وضع التعديلات المقترحة من اللجنة الدستورية قيد الاستفتاء الشعبي العام فورًا ودون حاجة إلى عرضها على مجلش الشعب (المشكوك في شرعيته) .. ثم ينتخب رئيس جديد تكون له السلطة في اتخاذ قرار حل البرلمان أو الإبقاء على ما اتبعه مبارك من تصحيح للعضوية من خلال القضاء [هذا ما أرى]

إلا أن وجهة ثانية قد تريد أن تسقط البرلمان والحكومة وتضع دستورًا جديدًا خلال الفترة الانتقالية، ثم تبدأ بتطبيق مواده في انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة، إلا أنني لا اتفق وهذه الفكرة حيث تجعلنا في وضع انتقالي غير محدد المعالم إلى فترة طويلة لا تكون فيها السلطات محددة ولا واضحة.


على أية حال، فالوضع الآن متوقف على ما يراه الجيش أيًا ما كان، وأيًا ما قرر حيث أنه صاحب الشرعية الكاملة

No comments:

Post a Comment